على مدار سنوات بعدي عن مصر كنت أفتدها بالفعل في شهر رمضان... كنت أفتقد جو العائلة ..والزحام في الشوارع وقت الإفطار ..والفوانيس التي يتلألأ أنوارها في الشوارع ..والزينات التي تنبيء بمقدم حدث سعيد ..كنت أفتقد تفاصيل رمضان في القاهرة ...
وهذا العام إضطرتنا الظروف أن أقضي رمضان هنا في مصر بمفردي وبدون زوجي ..وحتى بدون أولادي لأنهم كل يوم في بيت من بيوت الأهل الذين يستضيفونهم للعب مع أولادهم ...
كنت في البداية سعيدة لأني سأعوض ما إفتقدته في سنوات غربتي الماضية مع اني كنت حزينه لتركي زوجي بفرده ولكنها ظروف الحياة ...ومر علي أيام في رمضان ...ولكني إكتشفت أن الإحساس بطعم الأيام وبالحياة يكمن فيمن نعاشرهم ..ونعتاد عليهم ..وعلى وجودهم في حياتنا ...إكتشفت أن إحساسي برمضان أو بأي مناسبة لا يكمن في المكان ولكن فيمن نعيش معهم هذه اللحظات ..
فلقد تعودت طوال سنوات غربتي على طقوس معينة في رمضان ..مع زوجي وأولادي ..تعودت على إحساس خاص في رمضان أعيشه في هذه الأيام ..وعندما قضيت رمضان في مصر كما تمنيت من قبل ...لم أجد ضالتي ..لم أجد رمضان ..لم أجد الإحساس الدافيء في البيت الذي يجمعنا أنا وزوجي وأولادي ساعة الإفطار ..وفنجان القهوة الذي أسرع بتحضيره لرفيق دربي بعد الإفطار مباشرة وبدون تأخير ...لم أجد إحساسي بصلاة التراويح في غرفتي وعلى سجادتي ..حرمت الإحساس الجميل وزوجي يأخذني لقضاء عمرة رمضان في الحرم ..أبكي بشدة كلما تذكرت تلك اللحظات ..لم أجد أولادي لأجلس معهم بعد صلاة التراويح فهم في عالم آخر مع الأهل والأقارب ..أفتقدهم بشدة ..أفتقد ضجيجهم ..وحتى تعبي منهم..
أفتقد رجوع زوجي من عمله متعبا مع ساعات الفجر الأولى وجلوسنا للسحور معاً ..أفتقد كلمة تسلم إيديك من حبيب عمري وأيامي ..
كل يوم تنزل دموعي ساعة الإفطار ...أتمنى الرجوع إلى غربتي وكأنها أصبحت جزءاً مني لأني أفتقد زوجي ..أفتقد أولادي ..أفتقد الحياة....!!!!