الاثنين، 12 أكتوبر 2009

طائري الصغير


الزحام شديد والناس تتدافع لدخول المطار ..بوابة الرجوع إلى الأوطان ..كل إلى وجهته كل يحدوه أملَ لقاء الأحباب والأهل
أخشى على أولادي الضياع بين دفوع البشر وتلال الحقائب المحمولة على العربات والتي تحجب الرؤية ..
نقف في صف الإنتظار الطويل ..وكأنني لابد لي من الإنتظار إلى آخر لحظة لأبدأ طريق العودة إلى الوطن .
الصف طويل والإنتظار ممل ...طفلي الصغير لا يريد الإنتظار فلقد انتظر طويلا ..
يخرج من الصف ..ويجري بعيداً باحثاً عن حريته ..ألتفت إلى زوجي لأخبره أنني خارج الصف ..أجده مشغول بمكالمات هاتفية للعمل ..تعليمات العمل تطارده إلى آخر لحظة ..
أتركه وأبحث عن صغيري..إلى أين ذهب..مسؤول الأمن تركه يخرج لأنه هو أيضا مشغول بمحموله ..تباً لهذا المحمول ..
أخيرا وجدت صغيري إنه مثلي يأبى الإنتظار ..
في صالة الإنتظار الكل مشغول بالحديث في محموله ...هذا يودع من يتركهم ...وهذه تُطمئِن من ينتظرونها ..هل أصبح المحمول ضروريا إلى هذا الحد ..أم أنهم يريدون الهروب من سأم الإنتظار مثلي ..
أخيرا أسمع الإعلان عن رحلتنا ...صغيري لا زال يريد أن يفلت من يدي ..
في طريقي إلى الطائرة ..أتلفت حولي ..أجد الجميع يتحدثون في هواتفهم ...حتى الأطفال ...عجبا فيم يتحدث هؤلاء الأطفال ..؟؟!!!ومع من يتحدثون ..؟؟
في الطائرة الجدل الذي لا ينتهي كل عام بين أولادي ..من يجلس بجانب النافذة ..أتجاهل هذا العراك وأبحث عن الصغير من جديد ..إلى أين ذهب هذه المرة ..لا مجال هنا ليطلق لحريته العنان ..
في طريقي للبحث عنه ..أجد صاحب النظارات السوداء لا زال يحدث شريكه في العمل ..ولازالت صاحبة العيون الزرقاء تتحدث بصوت خافت وتضحك من آن لآخر ..حتى زوجي لازال مشغولا بمتابعة العمل في محموله ..
أين صغيري ...أنظر من النافذة ..أجده قد فرد جناحيه وطار بعيدا ..أقفز خلفه وأترك لجناحيَّ العنان ..أخترق السحاب عائدة إلى الأوطان ..