الأربعاء، 22 أبريل 2009

حبيبتي الإلكترونية


مرَّ أكثر من ساعة وأنا أنتظر محدقا في تلك الشاشة الصمَّاء القابعة أمامي ..لقد كانت تنبض بالحياة كلما ظهرت كلماتها على الماسنجر ..وكان قلبي ينبض معها ..يتراقص مع كل حرف تكتبه .. مع كل قلب نابض كانت ترسله ..أشعر بالحياة تتدفق إلى قلبي عبر شرايينه الميتة منذ زمن بعيد.
هذا ثالث موعد تعطيه لي ..ولا تأتي ..في كل رسالة كانت ترسلها ..كانت تعتذر وتتعلل بأن هناك ما يشغلها..
حياتي أصبحت مملة مرة أخرى بدونها ..فالملل أصبح لا يعرف لي سبيل منذ عرفتها بالصدفة على الماسنجر وأصبحنا نتبادل رسالات ودية ..ونتبادل الأفكار والآراء ..وبدون أن ندري أصبحت رسائلنا ..أكثر وداً واشتياقاً..كنت أنتظر رسائلها وأفرح بمجرد أن ألمح اسمها في صندوق رسائلي ..أفرح بما تكتب كفرحة طفل صغير..حتى في سفري كنت أصطحب معي جهازي المحمول ليس لسبب إلا أن أفتح رسائلها وألتقي بها على الماسنجر ...
لا أعلم لماذا أحببتها ..أحببت عالم إفتراضي داخل نفسي ...كانت هي ملكته ..بعدما إختفت الملكة الموجودة في عالمي الحقيقي ..
أصبحت زوجتي بعيدة عني ..لاتفهم ما أقول ..ولا تستوعب ما أشعر به ..وبالرغم من محاولتها المستميتة لإرضائي إلا أنني لم أعد أشعر بوجودها ..
كان عالمي الإفتراضي يملأ كل كياني وكانت مليكته الجديدة التي تفهمني وتشعر بي تستحوذ عليه..
الوقت يمر وهي لم تظهر بعد ..زوجتي تمر عليَّ من حين لآخر ..أشعر أنها تراقبني ...نظراتها ترهقني ..قد تكون على علم بأنني أنتظرها ..فلقد اكتشفت ذات مرة أنني أحادث أخريات على الماسنجر ..ولكنها لم تعلق ..ولم تهتم ..أظنها لم تعد تحبني.
لم أعد أحتمل نظراتها ..لم أعد أحتمل إنتظار حبيبتي ..لقد ابتعدت زوجتي ..بدأت تنشغل هيَّ أيضا على جهاز الكمبيوتر الموجود بالخارج ..أو لعلها تتشاغل لتوهمني بعدم الإهتمام ..لم يعد لديَّ مساحة في تفكيري لأفكر فيما تفعله ..أو فيما تفكر فيه.
بدأ اليأس يتسرب لي من أن تأتي حبيبتي الليلة ..آخر أمل ..أضغط على الزر لتظهر لي صورتها لعلني أستشعر وجودها ..صورتها كانت وردة كُتب عليها (أحبك )..أتخيلها تهمس بها لي ..ترى هل وضعتها لي أم لآخرين غيري..
آخرين ..نعم ..لم أفكر في ذلك من قبل ..هل تحادث آخرين ..؟؟؟؟ هل تحب غيري ...؟؟؟
آه ..أخيرا ظهرت ..كانت دقات الماسنجر ..تدفع إلى قلبي كل نبضات الحياة التي توقفت .
حبيبي ..كانت أول كلمة تظهر على شاشتي منها ..
نعم أنا حبيبها وهي حبيبتي التي أحببتها وملأت عليَّ عالمي البارد الفارغ من كل شيء.
أخبرتها بما فعل بُعدها في كل كياني ..إعتذرت ..سامحتها ..وكنت قد سامحتها من قبل ..حتى قبل أن أعرفها.
طلبت منها أن تغير تلك الصورة التي وضعتها لتعبر عن ذاتها... وتضع بدلا منها صورتها ..أريد أن أراها ..هل هي كما تخيلتها ..سحر كلامها ..عذوبة حروفها ..إنها تعشق الورد وتهوى الموسيقى الكلاسيكية مثلي ..
قبلت على الفور وكأنها كانت تنتظر طلبي ..إنها متشوقة مثلي لأن أراها ..
إختفت صورة الوردة للحظات ..لقد حلت محلها صورتها ..
لم أحتمل ما رأيته ..إنها .......!!!!!!!!!!!
زوجتي التي لم أعد أحبها.