الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

زياد يطلب تي شيرتات




كعادتي في وقت الظهيرة أكون في مطبخي لتجهيز الغذاء قبل حضور زوجي ..
وكعادة زياد يحاصرني بطلباته التي لا تنتهي في المطبخ وكأن المطبخ مكانه المضل ليطلب ما يشاء ..
كان طلبه هذه المرة أن أشتري له تي شيرتات جديدة ..
ولمعرفتي أنه لا يحتاج لملابس جديدة ..وأن دولاب ملابسه به كل ما يحتاجه ..فلقد رفضت الطلب ..
ولكنه كالعادة لم ينصاع للرفض ويؤثر السلامة ...وبدأ في مناقشاته الطويلة معي ..
ماما ..أنا زهقت من التي شيرتات إللي عندي عايز أغير.
ياحبيبي كلها جديده ..أنا كمان لسه شاريه لك حاجات جديده على العيد.
بس أنا في حاجات تانيه عايزها .
مش لازم أي حاجه تيجي على بالك تشتريها كده وخلاص ..مش يمكن تكون مش محتاجها ..
مادامت عجباني ..يبقى محتاجها..
ياحبيبي فيه ناس غيرك ..مش قادرين يشتروا حتى إللي همَ محتاجينه ..
في أهالي مش قادره تجيب لأولادها تي شيرت واحد من إللي عندك في العيد ..
يرد زياد باستغراب وعدم تصديق ..ياماما ده تي شيرت ب35ريال ...إزاي مش قادرين 
أحسست ساعتها بمرارة حقيقيه فابني غير متخيل أن هناك أناس تحت خط الفقر ..
قلت له وكلي أسى
يا حبيبي فيه ناس ماتعرفش شكل اللحمه إيه ..مش تي شيرت ب35 ريال..إنت مش عايش في الدنيا 
طيب إيه دخل الناس دي في إني عايز تي شيرتات جديده ..
أنا بقولك كده علشان تحمد ربنا على إللي عندك ..
وتعرف إنك أحسن حالاً من ناس كتير كانوا يتمنوا يكون عندهم ربع إللي عندك ..
ينصرف زياد وهو غير مقتنع تماما بما أقول ..
وكان يتمتم ..معقوله فيه ناس ماعندهاش تشتري تي شيرت لأولادها ...إيه ده ..!!!
تركني وخرج ..تركني لأفكاري ..
أنهيت عملي وقررت أن أفتح إميلي وأتجول قليلاً على النت لحين حضور زوجي ..
وعندما فتحت الإميل وجدت صوراً ..أدمى لها قلبي ..
ووجدتها فرصة ليعرف زياد أن هناك أناس لا يتعلمون في مدارس كالتي يتعلم هو بها ..
ولا يجدون ما يسد رمقهم ..ولا يجدون ما يستر أجسادهم ...أو حتى أقدامهم العارية ..
ناديت عليه هو وأخاه عاصم ..وعرضت الصور عليهم ...
لا حظت تأثرهم ..أطرق زياد وسكت ..
بعد قليل ..وجدته هو وأخاه يحملان بعض الملابس ويطلبان مني أن يتبرعا بها للاطفال المحتاجين ..
طبعاً فرحت بما فعلا ..ولكني أعلم أن هذا لا يكفي ..لا يكفي أن يشاهد أبناؤنا بعض الصور ليشعرا بمن حولهم ..
منذ ذلك اليوم وأنا ووالدهم ننتهز أي فرصة لنشعرهم بذلك..
يوم الجمعة الماضي وجد عاصم محتاجاً على باب المسجد أخرج له كل مصروفه وأعطاه إياه ...
فرح به والده وأعطاه ضعف ما أعطى الرجل ..
أما زياد فأصبح لا يرمي شيئاً لا يريده بل يجمعه في كيس ويذهب به للمسجد ليتبرع به ..
فلقد فهم أن هناك من يحتاج ما لا يحتاجه هو ..
ولكني لازلت أعتقد أن ذلك لا يكفي ...