السبت، 14 فبراير 2009

لو الناس مش شايفانا ..كان يبقى أحسن

تحديث :
تم نشر المقال في جريدة اليوم السابع ..
ويمكن قراءته من هنا
..................................................
لو الناس مش شايفانا ..كان يبقى أحسن
كان هذا حوار متبادل بين زكي رستم وفاتن حمامه في فيلم نهر الحب ..
عندما واجهها بأخطائها..وكان كل همه أنها قامت بما فعلت أمام الناس .
وعندما سألته إن كان ما فعلت..قامت به في الخفاء ..رد بكل اقتناع
كان يبقى أحسن
كان هذا الحوار منذ عشرات السنين ..كانت تلك المعتقدات راسخة في مجتمعاتنا ..ولا زالت تزداد رسوخاً وتعمقاً وتعقيداً لحياتنا.
طوال الوقت نفعل ما يريده الناس ..ما يراه الناس مناسبا ..وليس ما نريده نحن ..فقدنا جزء من هويتنا ,وإحساسنا بذاتنا .
نعتقد معتقدات سائدة في المجتمع من أجل أنها سائدة وفقط ..وكأنها قرآن كريم نزل من رب العالمين ..لا نحاول التفكير فيها ..وهل هي صحيحة أم لا ..المهم في الموضوع أن الناس يستحسنونها ..ويثنون على من يعتنقها ويقدسها ..
عادات وتقاليد ..هذه هي الكلمة المتداولة بيننا وفي مجتمعنا بشكل خاص وفي مجتمعاتنا العربية بشكل عام ..كم أود أن أمحو هذه الكلمة ليحل محلها الحلال والحرام ..ما يقره الشرع وما يرفضه.
وليس معنى كلامي أن كل العادات والتقاليد سيئة ..ولكن السيء هو استخدامنا نحن لها ...حتى أننا طوعنا الشرع لها .
وبنظرة على ما يحدث في مجتمعاتنا نجد كثير من الأمثلة لمن يعيشون بالمثل القائل
( كل إللي يعجبك ,والبس إللي يعجب الناس )
حتى في ملبسنا ..الناس ستتحكم فيه.
فنرى على البلاج الأمهات يسمحن لبناتهن بالتعري ولبس المايوهات لأنهن هنا بعيدا عن المجتمع المعروف لديهن ..
ولن يراها أحد..بينما في مجتمعاتهم يرتدين الحشمة.
ونرى الأب والزوج الذي يظهر الإحترام في حياته العامة ..
أما في حياته الخاصة فهو عربيد ..يصادق تلك ويلهو مع تلك.
وعلى النقيض نجد من يظهر طبيعته أمام الآخرين ويتعامل مع زميلاته بلطف ومرح ..
فهو في نظر المجتمع فاسق ..مع أنه يفعل ذلك أمام الناس..وبالطبع هم يفضلون من يفعل ذلك في الخفاء.
أنا لا أؤيد رفع الحواجز بين الرجل والمرأة ..ولكنه بالطبع أكثر نقاء في تعاملاته ممن يخفيها ويجعلها سراً .
نرى الموظف الذي يقيم صلواته كلها في مكتبه ..هو أمام الناس رجل مصلي فاضل ..ولكنه يرتشي ويعطل مصالح الناس ويهمل في عمله ..ولعل هذا الإهمال يؤدي إلى كوارث ..كما حدث في حادثة العبارة .
نرى من يعتنقون أفكاراً يتشدقون بها طوال الوقت ..وهم أول من يخالفها ..
فهناك من تستهزأ بمن كان حجابها فيه عدم إلتزام وإذا نظرنا لإبنتها وجدناها ليست على قدر من الإلتزام.
من تستنكر دخول غير المحجبة المسجد ..وتُسمعها مالا يرضاه الله ورسوله ..بحجة الدفاع عن الشرع ..أي شرع هذا في أن نمنع مسلمة من إقامة الصلاة لمجرد أنها لا ترتدي الحجاب ..
أنا لا أنكر فرضية الحجاب ..ولكن لماذا نمنع أحد من التقرب من الله لمجرد الأخذ بالظاهر ..وهل من ترتدي الحجاب وحدها لها الحق في الصلاة في المسجد..لقد أخذنا بالظاهر.
إني أتذكر صديقات لي أيام الدراسة ,كنّ غير محجبات ,ومع ذلك كنّ يُحضِرن معهن يومياً رداء الصلاة لأداء صلاة الضحى والظهر والعصر في مسجد الكلية ..كم كنت أحترمهن ..لقد غيرنّ مفاهيم كثيرة لديّ في ذلك الوقت ..فلقد كنت أحكم بالمظهر ..ولكن معرفتي بهن علمتني ألا آخذ الأمور بظواهرها ...مع العلم بأنهن جميعا إرتدين الحجاب فيما بعد.
ونجد الأم كلما أنكرت على إبنتها رجوعها للمنزل في وقت متأخر ...تعلل إعتراضها بأن الناس ستتكلم عليها ..أي أنها لو جاءت مبكرة لمنزلها وكانت تفعل ما يغضب الله ..لا يهم ..المهم هو كلام الناس..وألا تأتي لمنزلها متأخرة .
نجد من تستنكر شراء جارتها لمنتجات كنتاكي أو مكدونالدز ..بحجة أنها منتجات يجب مقاطعتها لأنها تساند إسرائيل ..بينما هي تشتري الأجهزة الكهربائية الأمريكية لأنها متينة ..وغيرها من المنتجات المهمة لها..فلماذا نظهر عكس مانبطن ..أمن أجل أن يقال أننا نناصر المقاطعة .
نقيم افراح بألوف الجنيهات ...
في الوقت الذي لا يجد الشاب فيه ما يساعده على تكملة مستلزمات منزل الزوجية من أجل ألا يتكلم الناس .
نرهق الشاب بشبكة سوليتيير أو شبكة باهظة الثمن من أجل ألا تكون الفتاة أقل من قريناتها ..
هل هذا منطق أناس عقلاء .
أصبحت فكرة الخبيئة في مجتمعاتنا فكرة متغلغلة ..نتعامل بها طوال الوقت ..
نعيش أدوار مختلفة في الحياة ..حتى نتوه عن أنفسنا .
أصبحنا نعتنق ما يعتنقه الآخرون وليس ما نريد اعتناقه نحن ..
حتى يرانا الناس كما يحبون هم وليس كما نحب نحن أن نرى أنفسنا .
إلى متى سنظل مقيدين ..إلى متى سنظل نرى أنفسنا بأعين الآخرين..؟؟؟
ألم يحن الوقت لنكون أنفسنا..!!!